19 سبتمبر2017
يُنظر غالباً إلى سهولة استخدام وسائل المواصلات العامة على أنها مؤشر لتعزيز نمط الحياة داخل المدن. ومع وجود عدد من مشاريع المواصلات العامة الكبرى الجاري تنفيذها في الوقت الحالي في المملكة، بات هدف رؤية السعودية 2030 (الرؤية) بدخول ثلاث مدن سعودية ضمن قائمة أفضل 100 مدينة على مستوى العالم على بُعد خطوة من تحقيقه. ومن بين الأهداف الرامية إلى زيادة استخدام المواصلات العامة طبقاً لبرنامج التحول الوطني استحداث 20 سياسة للنقل العام (التي لا توجد منها ولا واحدة في الوقت الحالي) وزيادة عدد المدن التي يتم إعداد مخطط شبكات النقل العام فيها إلى 16 مدينة (العدد الحالي 11 مدينة).
وقد رصدت الحكومة ميزانية قدرها 90 مليار ريال سعودي (24 مليار دولار) لمشروع مترو الرياض الذي تقوم بتنفيذه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والذي وصل الآن إلى مراحل متقدمة من البناء والمقرر افتتاح أولى مراحله في عام 2019. وتتألف شبكة المترو من ستة خطوط رئيسية تمتد على مسافة 176 كيلو متر، وتضم 85 محطة. ويضم مشروع الحافلات السريعة في الرياض، الذي يجري تنفيذه في الوقت الحالي بالتوازي مع مشروع المترو، 24 خطاً بطول 1083 كيلو متر و776 محطة.
وتمتد شبكة المواصلات العامة في المنطقة المركزية إلى خارج مدينة الرياض وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) قطار الشمال في الربع الأول لعام 2017. ويربط هذا الخط بين الرياض والمجمعة والقصيم عن طريق خط سكة حديد يبلغ طوله 460 كيلو متر. وعند الانتهاء من تطويرها بشكل كامل، ستمتد السكة الحديدية إلى مسافة 1250 كم، لتربط بها مدناً أخرى هي حائل (التاريخ المتوقع الربع الثالث لعام 2017) والجوف (التاريخ المتوقع في عام 2018) والقريات.
وسوف يخلق مترو الرياض فرصاً لتنفيذ مشاريع التطوير الموجه للنقل العام (Transit-Oriented Development/ TODs) وسيزيد من قيمة العقارات الواقعة حول خطوط النقل. ومن المتوقع أن يغير المترو من الطبيعة التقليدية لمشاريع التطوير القائمة على الانتقال بالسيارات، وهي خطوة إيجابية نحو نضج السوق. ومن المرجح أيضاً أن تقوم مشاريع التطوير الموجه للنقل العام بجذب الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك المستثمرين الدوليين الذين قد تكون لديهم الرغبة في شراء العقارات التجارية متعددة الاستخدامات الواقعة على طول المسارات الرئيسية لمحطات المترو المميزة.
وفيما تركز مشاريع النقل في المنطقة المركزية على السكان، تركز المشاريع في المنطقة الغربية بشكل أكبر على خدمة الحجاج والمعتمرين. ويتماشى هذا مع هدف الرؤية بزيادة قدرة المملكة على استقبال المعتمرين إلى 15 مليون معتمر سنوياً بحلول عام 2020 و30 مليون سنوياً بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن يصبح مشروع قطار الحرمين السريع جاهزاً للعمل بحلول عام 2018، وهو عبارة عن خط سكة حديد عالي السرعة يبلغ طوله 444 كم ويربط بين مكة والمدينة عبر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وجدة. وسيكون هذا الخط قيد العمل على مدار العام، ومن المتوقع أن ينقل نحو 240 ألف راكب يومياً خلال ذروة مواسم الحج والعمرة، مما سيحسن من جودة تجربة الحج بشكل كبير. ومن بين المشاريع الكبرى أيضاً مشروع مترو مكة (بما في ذلك شبكة الحافلات)، وهو مشروع داخل مكة اعتمده مجلس الوزراء لخدمة الحجاج والسكان.
كما شهد قطاع الطيران في الآونة الأخيرة كثيراً من النشاط في أنحاء المملكة مع توقع خصخصة عدد من المطارات قبل نهاية العام. وفي هذه الأثناء، أُعلن عن إقامة عدد من الشراكات بين القطاع الخاص والهيئة العامة للطيران المدني من أجل تشغيل وتوسعة المطارات في أنحاء المملكة. ومن المتوقع أن تُحسن هذه الخطوة من تجربة الركاب الحالية، وبخاصة في مطار الملك عبد العزيز في جدة الذي من المتوقع أن يستقبل نحو 30 مليون مسافر سنوياً فور دخول المرحلة الأولى حيز العمل (التاريخ المتوقع 2018).
ونظراً لكبر حجم هذه المشروعات، فقد شهد العديد منها تأخيراً وهو أمر شائع في سوق العقارات في المملكة. ورغم أن آفاق الاستثمار في مشاريع النقل السعودية تُعد جاذبة للمستثمرين، فإن التأخير في تنفيذ هذه المشروعات يؤثر سلباً على الرغبة لديهم في الاستثمار. ويهدف برنامج التحول الوطني إلى تحسين كفاءة البنية التحتية لقطاع النقل عن طريق تقليل نسبة المشاريع المتأخرة عن تواريخ إنجازها المبدئية من 65% إلى 25%. وتُعد مشكلات نقص العمالة وتوفير الخدمات والنزاعات التعاقدية بعض الأسباب الرئيسية في تأخير تنفيذ المشروعات والتي يلزم معالجتها لتحقيق الأهداف والاستمرار في جذب اهتمام المستثمرين.